تقارير

في ظل تخفيض التمويل الأممي منظمات الإغاثة العاملة في اليمن تفشل في سد حاجة العائلات المتضررة من الحرب

post-img

بالرغم من الجهود التي تبذلها منظمات الإغاثة العاملة في اليمن للحد من تداعيات الحرب الا أن قرار تخفيض الدعم عن المنظمات الأممية العاملة في اليمن أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي والصحي على نحو مروع. وتسبب هذا التخفيض، الناتج عن تخلف بعض المانحين عن الايفاء بدعم خطة الاستجابة الإنسانية، تسبب بتدهور الوضع المعيشي والصحي لآلاف العائلات اليمنية، خصوصا في مناطق الأرياف بصفتها الأكثر تضررا.

ونتيجة لقلة الدعم، قلصت منظمات الأمم المتحدة معوناتها الغذائية لكثير من العائلات، فضلا عن تخلفها عن مد عائلات أخرى بحصصها من الغذاء. كما أدى ذلك لتوقيف الدعم عن تشغيل مئات المراكز الطبية المنتشرة في القرى اليمنية.

وتعتمد آلاف العائلات اليمنية في غذائها على المعونات الإنسانية التي تقدمها المنظمات، كنتيجة حتمية لاستمرار الحرب الدائرة في البلاد، توقف مرتبات الموظفين الحكوميين، وكذلك فقدان مئات الآلاف لأعمالهم ومصادر دخلهم.

ورغم الهدنة المستمرة منذ العام الماضي تقريبا، إلا أن قلة التمويل جعل منظمات الإغاثة العاملة في اليمن غير قادرة على استغلال حالة السلام النسبية في سد حاجة العائلات المتضررة من الحرب.

 ويعود سبب تخفيض الدعم المالي لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لطول أمد الأزمة من جهة، ولتوجه جزء من الدعم مؤخرا صوب المتضررين من أزمة الحرب المستمرة في أوكرانيا.

القطاع الصحي

وتسبب تخفيض الدعم المالي لليمن في توقف المنظمات الأممية عن دعمها للمراكز الصحية، خصوصا في المناطق الريفية. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، أدى توقف الدعم عن المركز الصحي في منطقة الأغوال، ريف تعز الشمالي، أدى إلى تردي الوضع الصحي، خصوصا في مجال الصحة الإنجابية.

 وبحسب مصادر صحية، فقد شهدت المنطقة مؤخرا وفاة ما يزيد عن 7 نساء حوامل نتيجة لمضاعفات ما بعد الولادة، فضلا عن عدد أكثر من 200 حالة تسمم حملي، نتيجة لعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة، بُعد وارتفاع تكاليف أقرب مراكز تقديم الخدمات الصحية، بالإضافة إلى وضع أهالي المنطقة المعيشي.

وطبقا للمصادر، فقد سجلت المنطقة أيضا قرابة 20 حالة فشل كلوي وأكثر من 600 حالة سكري وضغط جديدة. كما أفاد المركز الصحي، الذي بات بدون دعم صحي منذ بداية العام الماضي، كما أن المناطق المجاورة شهدت تسجيل إصابة مئات الحالات بالملاريا، البلهارسيا، الربو، فقر الدم بأنواعه، وفيروس الكبد نوعA.

 وقد شهد المركز خلال الفترة الماضية انقطاع للمترددين والمستفيدين نتيجة لانخفاض مستوى تقديم خدمات الرعاية الصحية، عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج عقب رفع الدعم عن المركز. كما لوحظ ارتفاع نسبة وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة نتيجة عدم الكشف المبكر لمضاعفات الحمل والولادات المتعسرة، وانتشار الأمراض الوبائية.

ويأمل المركز الصحي في الحصول على الدعم التشغيلي للمساعدة في الحفاظ على أرواح المواطنين، وتقديم الرعاية الطبية والإنجابية للعائلات المعسرة، نظرا لتردي الأوضاع في المناطق الريفية بشكل خاص، ارتفاع عدد النازحين، وانعدام القدرة المالية للمعيشية بشكل خطير.

وكان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد تكفل بدعم وتشغيل مركز الأغوال الصحي وغيره لعدة سنوات، قبل توقف الدعم منذ ما يزيد عن عام، نتيجة لتخفيض الدعم الذي يقدمه المانحون لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن.

 الأمن الغذائي

ووفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في اليمن، فإن ما يقارب 17.4 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وأن ارتفاع أسعار الغذاء والمشتقات النفطية زاد من مؤشرات حدوث المجاعة في أكثر المناطق احتياجا وتضررًا.

كما أفاد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي بأن قرابة 15.4 مليون شخص بحاجة للحصول على مياه شرب نظيفة، نظرا لتوقف مشاريع المياه وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وبالتالي عدم قدرة المواطنين على شراء وتوصيل مياه صالحة للشرب. وهو ماكدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف التي أشارت في بيان لها قبل ايام ان قرابة مليون شخص في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدة للوصول إلى خدمات المياه والإصحاح البيئي

في غضون ذلك سرد مواطنون معاناتهم الكبيرة نتيجة لتقليص كميات المعونات الغذائية الشهرية، أو انعدامها لأشهر، والذين يعتمدون بشكل أساسي في غذائهم على تلك الإغاثات. ويمثل توفر هذه المساعدات الغذائية للعائلات، يمثل المواد الأساسية الأدنى للبقاء على قيد الحياة.

كما أكدوا أن تأخر المعونات لأشهر يشعرهم بالخوف من مصير مجهول ينتظر عائلاتهم، فضلا عن حديث البعض عن احتمالية انقطاعها بشكل نهائي، كنتيجة لعدم توفر الدعم المادي لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية التي دعت لها الأمم المتحدة.

مؤتمر المانحين

وخلال العام الماضي، أخفقت الأمم المتحدة في جمع المبلغ المطلوب لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن والبالغة 4.27 مليار دولار، حيث تمكنت من جمع فقط 1.3 مليار دولار تعهدت بها 36 جهة مانحة. هذا الرقم جعل المنظمات الأممية غير قادرة على تغطية خطتها، حيث عمدت إلى تقليص برامج الخطة، وتخفيض الدعم المقدم للعائلات اليمنية.

وبالرغم من التمويل الضئيل الذي حصلت عليه خلال العام السابق، تحشد الأمم المتحدة الدعم تجهيزا لمؤتمر المانحين المفترض أن تستضيفه السويد وسويسرا أيضا، والذي تهدف من خلاله لجمع ما يزيد عن 4 مليار دولار لتنفيذ خطتها الإنسانية في اليمن، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، فإن آفاق حصول الأمم المتحدة على الدعم المطلوب ضئيل للغاية، عقب توجه الدعم الأوروبي السخي إلى الجارة المنكوبة. فضلا عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، الدقيق وزيت الطبخ بشكل خاص، كنتيجة لحالة اللا استقرار التي يشهدها العالم بسبب الحروب الدائرة.

ويعول كثير من اليمنيين على المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة لتوسيع الهدنة لتشمل تسليم رواتب المواطنين الحكوميين، والذي برأيهم سيخفف نسبيا عدد العائلات المحتاجة للدعم الإنساني العاجل.

المصدر: الموقع بوست