متابعات:
من تلبية الاحتياجات الأُسرية عبر حدائق الخضار المنزلية إلى تحسين البنية التحتية الزراعية المجتمعية، يسعى مشروع بقيمة 127 مليون دولار أمريكي إلى تحسين توافر الغذاء وسهولة الوصول إليه، على المدى القصير والمتوسط، للأسر
المستهدفه في نطاق المشروع.
وسيعزز هذا المشروع قدرة اليمن
على الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي، حيث يٌنذر الصراع وتغير المناخ بحدوث أسوأ مجاعة شهدها العالم في العقود الأخيرة.
لقد أدت الحرب المستمرة لثماني سنوات في البلاد إلى تدمير الاقتصاد، مما جعل الملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. فاصبح الجوع وسوء التغذية أكثر التحديات إلحاحًا في اليمن اليوم،
حيث يعاني أكثر من 17.3 مليون
يمني من انعدام الأمن الغذائي، ويحتاج 51٪ من الأطفال و24٪ من النساء إلى علاج سوء التغذية الحاد.
تسببت الفيضانات الناجمة عن تغير المناخ في جرف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في اليمن مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي المستمر في البلاد.
ومنذ يوليو 2021، جمع مشروع الإستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن (FSRRP) الممول من البنك الدولي ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة للمساهمة في تحسين توافر الغذاء الغذائية للفئات المتضررة في البلاد. يتم تنفيذ هذا المشروع من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO).
ينفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تدخلات بقيمة 23.8 مليون دولار أمريكي في إطار هذا المشروع، ويشمل ذلك مشاريعًا لتحسين الإنتاج الزراعي والبنية التحتية وبناء قدرة المجتمعات على التعامل مع تغيرات المناخ. يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتعاون وشراكة وثيقتين مع مؤسستين وطنيتين رئيسيتين هما الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة لتنفيذ المشاريع ومشاركة الخبرات.
تساهم تدخلات مشروع الإستجابة لتعزيز الأمن الغذائي بشكل مباشر وغير مباشر في تحسين الأمن الغذائي من خلال إستصلاح وتحسين الأراضي الزراعية وأنظمة الري وتحسين إمكانية الوصول إلى الأسواق عن طريق إعادة تأهيل الطرق. كما يتم توظيف السكان المحليين لتنفيذ هذه المشاريع كوسيلة لكسب الدخل الذي هم في أمس الحاجة إليه بإتباع منهجية النقد مقابل العمل.
في حين أن الصراع القائم والأزمة الاقتصادية الناتجة عنه كانا المحركين الرئيسيين لإنعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن، أدت العديد من الصدمات الخارجية إلى تفاقم الوضع. فقد أثرت الحرب الدائرة في أوكرانيا على الأمن الغذائي الذي كان بالفعل متأثراً بشدة جراء تفشي جائحة فايروس كورونا المستجد.
*كيف تؤثر الفجوة بين الجنسين في اليمن على الأمن الغذائي
في حين تؤثر الحرب على جميع فئات المجتمع، تؤثر مشكلة الأمن الغذائي على النساء بشكل خاص. فعندما يصبح الغذاء شحيحًا، فإن النساء يتناولنّ الطعام بعد أن يفرغ الجميع من ذلك ويكتفينّ بحصص غذائية صغيرة وأقل جودة. وفي بلد يعتبر صاحب أكبر فجوة بين الجنسين في العالم- حيث احتلت اليمن المرتبة الأخيرة من بين 153 دولة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي- فإن الأرقام المتعلقة بتوظيف المرأة وقوة الإنفاق تجعل أي قراءة لوضع المرأة أكثر سوداوية.
ففي اليمن تنخرط 6٪ فقط من النساء في سوق العمل مقابل 72٪ من الرجال. ربع النساء المؤهلات هن عاطلات عن العمل مقابل 12٪ من الرجال. ولذا فأن وجود تفاوت كبيرة بين مستوى دخل الجنسين أمر لا يثير الدهشة. فبحسب التقديرات تكسب المرأة في اليمن 30 سنتًا من الدولار فقط مقابل كل دولار يجنيه الرجل.
ويركز مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، بشكل خاص، على تمكين النساء وتحسين مستويات معيشتهنّ في حين أن المشروع ككل يهدف لدعم النساء في المناطق الزراعية المستهدفة. على الرغم من وجود عدد أقل بكثير من النساء في سوق العمل، تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من نصفهنّ– أي 46٪- يعملنّ في الزراعة- مقارنة بـ 27٪ فقط من الرجال. وهذا يضع المرأة أيضًا في قلب تحديات تغير المناخ التي تواجهها البلاد، ابتداءً من الجفاف والتصحر إلى الفيضانات التي تدمر البنية التحتية الزراعية الحيوية. ويمتميّز المشروع ايضاً بتعزيزه للممارسات الزراعية الذكية مناخيا ومساعدة المجتمعات على الحفاظ على استدامة إنتاجهم الغذائي مستقبلًا.
نهج متعدد الجوانب لتعزيز القدرة المجتمعية
لا يقتصر الأمن الغذائي على درء الجوع وسوء التغذية في الوقت الراهن فحسب، بل يتعلق أيضًا بالبحث عن حلول مستدامة لتعزيز القدرة على مواجهة الأزمات المستقبلية.
ينسجم مشروع الإستجابة لتعزيز الأمن الغذائي مع هدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة المتمثل في القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك.
ويمهد المشروع الطريق لحصول الفئات الضعيفة- بما في ذلك النساء والشباب والنازحين داخليًا- على التدريب وكذا الحصول على فرص عمل طارئة عن طريق منهجية النقد مقابل العمل التي تتيح لهم كسب أجر يومي من خلال العمل في تدخلات المشروع. إن اتباع هذه المنهجية يعني اكتساب المشاركين فيه للمال والمعرفة والمهارات التي يحتاجونها، مما يتيح لهم توفير احتياجاتهم الغذائية الحالية فضلاً عن منحهم فرصة أفضل للحصول على عمل منتظم في المستقبل وخدمة مجتمعاتهم على النحو الأمثل.
ومن خلال إتباع منهجية النقد مقابل العمل، فإن المشروع يضمن الوصول الفوري إلى الغذاء لما يقدر بنحو 18,800 أسرة تعاني من انعدام الأمن الغذائي - أي حوالي 26,456 مستفيدًا، ومن المتوقع أن تكون حوالي 30 ٪ منها أسر تعولها النساء.
يفتح برنامج النقد مقابل العمل المجال لتوظيف الأشخاص في أعمال منتجة لتحسين البنية التحتية المجتمعية وبالتالي زيادة الفائدة التي تعود على الفئات الضعيفة في السنوات القادمة. يعمل مشروع الإستجابة لتعزيز الأمن الغذائي على إستعادة الأصول العامة والجماعية التي أصبحت متهالكة، بما في ذلك تلك المتضررة من الفيضانات. كما سيساهم في استصلاح الأراضي الزراعية وموارد المياه، ومن المتوقع أن يحسن المشروع وصول 12,810 مزارعًا- منهم 3,843 مُزارعه- إلى موارد مياه محسنة ويُمكّن 2,864 مزارعًا- منهم 716 مُزارعه- الاستفادة من أنظمة الري والأراضي الزراعية المستصلحة.
بينما يُركّز مشروع الإستجابة لتعزيز الأمن الغذائي على المدى القصير والمتوسط– لإيجاد حلول سريعة ومستدامة يمتد أثرها لأكثر من دورة محاصيل واحدة- فإن الهدف الرئيسي للمشروع يتمثل في إرساء أسس السلام وبناء التماسك الاجتماعي وتعزيز المساواة وتمكين المرأة باعتبارها خطوات أساسية للبدء في إعادة بناء بلد واقتصاد دمره الصراع.
المصدر: موقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي