حوار النازحات

أم أجبرها النزوح على بيع السمك والمكانس

post-img

عدن- "محلية":

حصل هذا قبل أربعة أعوام كان الوقت ليلا وكان الصوت مرعبا، أيقظ سكان قرية الميهل في وادي الضباب غرب مدينة تعز، قالت: " تفاجأنا بالانفجارات وسقوط القذائف على رؤوسنا ليلا ونحن نيام، كان القصف شديدا. هذا الأمر أجبرنا على ترك القرية والنجاة بأرواحنا".

وأضافت ليبيا، حين التقتها "محلية" منتصف يناير الماضي، في منطقة " كور قرو" غرب مدينة البريقة، أضافت وهي تروي بألم، مشقة ومخاطر رحلة نزوحها هي وأفراد أسرتها وعدد من أهالي قريتها " هربنا وتركنا كل ما نملك، بيوتنا والمواشي وكل شيء، كنت حينها حامل بطفل، لكنني أسقطت الجنين من شدة الأعياء والهلع".

وبالرغم من أن المسافة بين قريتها وكور قرو لا تتعدى الـ 200 كيلو متر، تقطعها السيارات في زمن لا يجاوز الـ 4 ساعات، فقد استغرقت رحلتها من قريتها حتى مديرية البريقة بمحافظة عدن أسبوعا كاملا، " كنا نمشي على أقدامنا، لم تكن السيارات تتحرك بسبب الاشتباكات، مشينا سبعة أيام بلياليها كنا ننام في الخبت ونكتشف، أحيانا، أننا ننام قرب ثعابين وكنا نمر أحيانا بمقاتلين يمنعونا من المرور ويصرخون في وجوهنا. كنا نترجاهم أن نمر ونحن خائفين". حسب ليبيا التي أضافت "" كنا أحينا نجد جثث المقاتلين في طريقنا".

 وتابعت في البداية "وصلنا إلى القاعدة ثم اتجهنا إلى الراهدة وحيفان، بعد أن تجاوزنا حيفان وجدنا باصا ترجيناه أن يقلنا فأخذ بعضنا، وكنت منهم، فأوصلنا إلى هذه القرية، فيما وصل الذين خلفناهم بعدنا ب ثلاثة أيام".

وتصف حالهم حين وصولهم إلى كور قرو قائلة " كنا مشمتين مبهذلين، كان الصغار بلا حفاظات وملابسهم ممزقة. الناس هنا تبرعوا لنا بالملابس وببعض الأكل" وعن دور منظمات الإغاثة قالت: " قدمت لنا المنظمات الأكل والمساعدات لمدة ثلاثة أشهر فقط ثم توقفت".

ليبيا أم تبلغ الـ 35 من العمر تقريبا، لديها ثلاثة أطفال، ولدين وبنت، فرض عليها النزوح واقعا جديدا وأدى إلى تغيير النظام الاقتصادي لها ولأسرتها، مثل معظم الأسر النازحة جراء الحرب القائمة منذ ثمان سنوات. هذا التغيير تتحمل العبء الأكبر فيه، غالبا، المرأة كما هو حال ليبيا.

لم تيأس ليبيا حينما توقفت المنظمات عن مد يد العون للنازحين في كور قرو، إذ عليها أن تعيل أسرتها. تقول " اشتغل ببيع السمك، أجلبه من الصيادين في رأس عمران، أحينا يتبرعون بما يفيض من صيدهم وأحينا أضطر أن ادفع لهم مقابل القليل من السمك" وتضيف " أصل إلى هنا فتقابلني النسوة ويشترين مني، وبالقليل الذي أكسبه أشتري ما نحتاجه من الضروريات في البيت".

وهي تشير إلى مكانس صغيرة، صنعت من سعف النخيل، واصلت حديثها "عندما لا أجد سمكا اصنع من هذه وأبيعها لأتمكن من شراء سكر وشاي".

وعند سؤالها عن عمل زوجها قالت: "

 

 زوجي مجنون فيه جنان، أحينا يشتغل في حمل أحجار البناء. وعندما لا يجد عمل يذهب إلى الجنود الذين يتبرعون له بالقليل من الأرز".

ومثلما أجبرت الحرب، ليبيا وأسرتها على ترك قريتهم، أجبرهم النزوح على تغيير دورهم الانتاجي، من انتاج زراعي وحيواني إلى بيع السمك لسد رمق ثلاثة أطفال، أكبرهم في العاشرة من عمره، فيما الصغيرة لم تبلغ الخامسة من عمرها. هذا الأمر شكل عبء ثقيل على هذه الأم، خاصة مع غياب دور المنظمات الإنسانية، ما يجعلنا نرفع أصوتنا بضرورة توطين العمل الإنساني بقيادة محلية لأنها أكثر دراية ومعرفة باحتياجات النازحين.